بحـث
المواضيع الأخيرة
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم |
العبودية
صفحة 1 من اصل 1
العبودية
بِـسْـمِ اللَّهِ الـرَّحْـمَـنِ الـرَّحِـيـمِ
الـسَّلَـامُ عَـلَـيْـكُـمْ وَرَحْـمَـةُ اللَّهِ وَبَـرَكَـاتُـهُ
الـسَّلَـامُ عَـلَـيْـكُـمْ وَرَحْـمَـةُ اللَّهِ وَبَـرَكَـاتُـهُ
إِنَ الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه ، ونَعوُذُ بالله مِنْ شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا ، مَنْ يُهدِه الله فلا مُضِل لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له ، وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله وَحْده لا شريك له ، وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله .. اللهم صَلِّ وسَلِم وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه أجْمَعينْ ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم تسْليمَاً كَثيراً .. أمْا بَعد ...
[size=29]العبودية
[size=29]العبودية
[/size]
العبودية [عبودية الكائنات]
قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات] إن تحقيق العبودية لله، مطلب شرعي لابد من تحقيقه، بل إن الله - عز وجل - خلق الكائنات كلها لعبادته، من إنس وجن وملائكة وحيوان ونبات وجماد، وغيرها من الموجودات، فطرها سبحانه على توحيده والاعتراف بإلوهيته، والإقرار بفقرها واحتياجها وخضوعها له - جل وعلا -، إلا إننا نجد العجب من أمر هذا الإنسان من انصرافه وبعده عن العبودية الحقة لله، وانشغاله بملذات الدنيا وشهواتها، ولذا فقد كان هذا الإنسان في مجموعة أقل الكائنات عبودية، وأكثرها معصية وأشدها استكبارا على مقام العبودية: {قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [(17) سورة عبس].
إن الغاية من دعوة الرسل جميعاً لأقوامهم هي العبودية {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [(36) سورة النحل] فموسى - عليه السلام - كان أول ما أوحى الله تعالى به إليه {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [(14) سورة طـه] وأول ما نطق به عيسى - عليه السلام - أمام قومه: {وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} [(36) سورة مريم] ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - قال الله تعالى له: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [(99) سورة الحجر] فكان - عليه الصلاة والسلام - قمة المثال الذي يقتدى به في تحقيق العبودية فوصل إلى أعلى مراتبها وأسمى منازلها، فكان أحق من يوصف بهذا الوصف وأهلها دون غيره من البشر، نعود إلى موضوع هذا الإنسان وعبوديته لله - عز وجل -، وسيكون لنا معه حديث خاص لكن قبله لنستعرض كائنات ومخلوقات أخرى غير الإنسان، وما مدى قربها وبعدها من تلك العبودية؟
عن جابر بن عبد الله - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنه ليس من شيء بين السماء والأرض إلا يعلم أني رسول الله إلا عاصي الجن والأنس)) السلسلة الصحيحة 1718 . قال الله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [(44) سورة الإسراء].
فلنبدأ بعرض بعض الصور من عبودية الحيوانات والدواب: أن هذه الحيوانات لها عبوديات تخصها، تشترك في بعضها مع الإنسان في الاسم وتختلف في الكيفية، وكثير من هذه الحيوانات تقدم عبوديتها لخالقها أحسن من كثير من البشر، فهذه الدواب تسجد لربها: {وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [(49) سورة النحل].
الشيخ/ ناصر بن محمد الأحمد
رد: العبودية
عبودية الكائنات
ومن عبوديتها: أن هذه الدواب تخاف من يوم الجمعة؛ لأنها تعلم بأن الساعة تقوم يوم الجمعة، وكثير من الإنس في غفلة، روى الإمام أحمد بسند صحيح عن أبى هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من دابة إلا وهي مصيخة أي منصتة ومستمعة – يوم الجمعة خشية أن تقوم الساعة)) ومن عجيب عبودية هذه الدواب لربها: أنها تستريح إذا مات رجل فاجر في هذه الأرض روى البخاري في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر عليه جنازة فقال: ((مستريح ومستراح منه))، فقالوا: يا رسول الله، ما المستريح وما المستراح منه؟ قال: ((إن العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وآذاها إلى رحمة الله تعالى، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب)). إن الدواب تنـزعج من وجود الفاجر في الأرض؛ لأنه مبارز لله - عز وجل -، لذا فإذا مات الفاجر، استراحت منه البهائم، سبحان الله، حتى البهائم والدواب تميز بين أولياء الله وأعداء الله، حتى الدواب تعرف أولئك المحاربين للدين، تعرف أولئك المتنكبين لشريعة الله، أقول مرة أخرى وكثير من الإنس في غفلة.
ومن عبوديتها: أن هذه الدواب تخاف من يوم الجمعة؛ لأنها تعلم بأن الساعة تقوم يوم الجمعة، وكثير من الإنس في غفلة، روى الإمام أحمد بسند صحيح عن أبى هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من دابة إلا وهي مصيخة أي منصتة ومستمعة – يوم الجمعة خشية أن تقوم الساعة)) ومن عجيب عبودية هذه الدواب لربها: أنها تستريح إذا مات رجل فاجر في هذه الأرض روى البخاري في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر عليه جنازة فقال: ((مستريح ومستراح منه))، فقالوا: يا رسول الله، ما المستريح وما المستراح منه؟ قال: ((إن العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وآذاها إلى رحمة الله تعالى، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب)). إن الدواب تنـزعج من وجود الفاجر في الأرض؛ لأنه مبارز لله - عز وجل -، لذا فإذا مات الفاجر، استراحت منه البهائم، سبحان الله، حتى البهائم والدواب تميز بين أولياء الله وأعداء الله، حتى الدواب تعرف أولئك المحاربين للدين، تعرف أولئك المتنكبين لشريعة الله، أقول مرة أخرى وكثير من الإنس في غفلة.
رد: العبودية
أيها المسلمون: فمن هذه الدواب والحيوانات – البقرة –
روى البخاري في صحيحه: بينما رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها، فقالت: إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث، فقال الناس: سبحان الله بقرة تتكلم، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((فإني أؤمن بهذا أنا وأبو بكر وعمر)) فالبقرة تكلمت بأمر الله - عز وجل -، إلى هذا الرجل لتفهمه، سوء استخدامه لها، وأن هذا يتنافى مع العبودية لله، وأنها لا تضرب بدون مبرر، وأنها إنما خلقت للحرث ونحوه، وأنها تؤدي العبودية التي أمرت بها.
رد: العبودية
ومن عبوديات الدواب: الحيتان:
روى ابن ماجه قوله: - صلى الله عليه وسلم -: ((إنه ليستغفر للعالم من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في البحر)) وعند الترمذي: ((إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير))، إن الحيتان في البحر والنملة في جحرها، يقدرون فضل العلماء والدعاة والمصلحين، ومعلمي الناس الخير، ورواية ابن ماجه تشعر بأن كل الكائنات علويها وسفليها، حيوانها ونباتها وجمادها، تقدر منـزلة أهل العلم وأهل الدعوة، والحريصين على مصالح الناس، ومعلمي الناس الخير، فهي تستغفر لهم، وسبحان الله وكثير من الإنس في غفلة عن علمائهم ودعاتهم ومشايخهم ومعلمي الناس الخير.
رد: العبودية
ومن صور عبودية الدواب العجيبة: عبودية الذئب:
روى الإمام أحمد بسند صحيح عن أبى سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: عدا الذئب على شاة فأخذها فطلب الراعي فانتزعها منه فأقعى الذئب على ذنبه، قال: ألا تتقي الله تنزع مني رزقا ساقه الله إلي، فقال يا عجبي ذئب مقع على ذنبه يكلمني كلام الإنس! فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد - صلى الله عليه وسلم - بيثرب، يخبر الناس بأنباء ما قد سبق، قال فاقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخبره، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنودي الصلاة جامعة، ثم خرج فقال للراعي، أخبرهم فأخبرهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صدق والذي نفسي بيده)).
روى الإمام أحمد بسند صحيح عن أبى سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: عدا الذئب على شاة فأخذها فطلب الراعي فانتزعها منه فأقعى الذئب على ذنبه، قال: ألا تتقي الله تنزع مني رزقا ساقه الله إلي، فقال يا عجبي ذئب مقع على ذنبه يكلمني كلام الإنس! فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد - صلى الله عليه وسلم - بيثرب، يخبر الناس بأنباء ما قد سبق، قال فاقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخبره، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنودي الصلاة جامعة، ثم خرج فقال للراعي، أخبرهم فأخبرهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صدق والذي نفسي بيده)).
رد: العبودية
ومن عبوديات الدواب: عبودية الديك:
وأنه يوقظ للصلاة، قال - عليه الصلاة والسلام - فيما رواه الإمام احمد: ((لا تسبوا الديك، فإنه يدعو إلى الصلاة))، وفي رواية أبى داود: ((فانه يوقظ للصلاة)) إذا كان سب الديك لا يجوز؛ لأنه يأمر بالمعروف ويدعو إلى الصلاة، فكيف بالذي يسب من يدعو إلى الصلاة من أصحاب الهيئات؟ إن التعرض لديك لا يجوز؛ لأنه يدعو للصلاة، وهذا أمر معروف، فكيف بالتعرض لغير الديك ممن يدعو للصلاة ولغيرها من أبواب المعروف، وينهى عن أبواب المنكر المختلفة والمنتشرة في مجتمعات المسلمين والتي لا عد لها ولا حصر، لا شك بأن التعرض لهؤلاء أقبح وأبغض عند الله - عز وجل -.
رد: العبودية
أيها المسلمون: أما عبوديات النباتات فأمر عجب، فهذا الشجر،
الذي نص الله - جل وتعالى - بسجوده له بقوله: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [(6) سورة الرحمن] والأعجب حديث ابن عباس في سنن ابن ماجه وسنده صحيح أنه قال: كنت عند النبي - عليه الصلاة والسلام - فاتاه رجل فقال: "إني رأيت البارحة فيما يرى النائم كأني أصلي إلى شجرة فقرأت السجدة، فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي، فسمعتها تقول: اللهم احطط عني بها وزرا، واكتب لي بها أجرا، واجعلها لي عندك ذخرا، يقول ابن عباس: فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ السجدة، فسجد فسمعته يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة " هذا الشجر يسمع الآذان ويشهد للمؤذن فعن أبى سعيد الخدري قال: "إذا كنت في البوادي فارفع صوتك بالآذان فإني سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول: ((لا يسمعه جن ولا إنس ولا شجر ولا حجر إلا شهد له)) إن هذا الشجر يلبي مع تلبية الحاج والمعتمر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من قلب يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا)) إن هذا الشجر له في تحقيق عبودية الولاء والبراء للكفرة ولليهود، تحقيق تام، عبودية أحسن بمراحل ممن يتزلفون لليهود، ويطلبون ودهم، ويتقربون منهم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله)) وفي رواية ابن ماجه: ((إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق)). إن هذا الشجر سينطقه الله - عز وجل -، سيتكلم الشجر عبودية لله، وولاء له وللمسلمين، وبراء من اليهود، حتى الشجر لا يرضى بوجود اليهود، فيريد أن يعجل المسلم بقتله، يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، فما بالنا لا نكون حتى بمستوى بعض الأشجار تجاه اليهود، إن أولئك الغرقديون، أمرهم مفضوح؛ لان العنصر اليهودي منبوذ حتى من الشجر والحجر، لكن عجباً لبعض البشر من الغراقدة إن صح التعبير أدنى بكثير من عبوديتهم لربهم من الشجر والحجر.
الذي نص الله - جل وتعالى - بسجوده له بقوله: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [(6) سورة الرحمن] والأعجب حديث ابن عباس في سنن ابن ماجه وسنده صحيح أنه قال: كنت عند النبي - عليه الصلاة والسلام - فاتاه رجل فقال: "إني رأيت البارحة فيما يرى النائم كأني أصلي إلى شجرة فقرأت السجدة، فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي، فسمعتها تقول: اللهم احطط عني بها وزرا، واكتب لي بها أجرا، واجعلها لي عندك ذخرا، يقول ابن عباس: فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ السجدة، فسجد فسمعته يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة " هذا الشجر يسمع الآذان ويشهد للمؤذن فعن أبى سعيد الخدري قال: "إذا كنت في البوادي فارفع صوتك بالآذان فإني سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول: ((لا يسمعه جن ولا إنس ولا شجر ولا حجر إلا شهد له)) إن هذا الشجر يلبي مع تلبية الحاج والمعتمر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من قلب يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا)) إن هذا الشجر له في تحقيق عبودية الولاء والبراء للكفرة ولليهود، تحقيق تام، عبودية أحسن بمراحل ممن يتزلفون لليهود، ويطلبون ودهم، ويتقربون منهم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله)) وفي رواية ابن ماجه: ((إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق)). إن هذا الشجر سينطقه الله - عز وجل -، سيتكلم الشجر عبودية لله، وولاء له وللمسلمين، وبراء من اليهود، حتى الشجر لا يرضى بوجود اليهود، فيريد أن يعجل المسلم بقتله، يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، فما بالنا لا نكون حتى بمستوى بعض الأشجار تجاه اليهود، إن أولئك الغرقديون، أمرهم مفضوح؛ لان العنصر اليهودي منبوذ حتى من الشجر والحجر، لكن عجباً لبعض البشر من الغراقدة إن صح التعبير أدنى بكثير من عبوديتهم لربهم من الشجر والحجر.
رد: العبودية
ومن عبوديات الكائنات: عبودية الجبال لله تعالى:
أما سجودها ففي قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء} [(18) سورة الحـج] وأما تسبيحها ففي قول الباري - جل وعلا -: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ} [(79) سورة الأنبياء] وقوله تعالى: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} [(18) سورة ص] وأما عن خشية الجبال فعجب من العجب: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [(21) سورة الحشر] فالجبال مع صلابتها وقسوتها تخشع لله - عز وجل - ومرة أخرى وكثير من الإنس في غفلة.
رد: العبودية
اسمع أخي المسلم لهذا الكلام الرائع من ابن القيم - رحمه الله -، وهو يتكلم عن عبودية الجبال فإنه كلام ممتع للغاية، يقول - رحمه الله - بعدما ذكر حكمة الله تعالى في خلق الجبال قال: "هذا مع أنها تسبح بحمده، وتخشع له، وتسجد وتشفق وتهبط من خشية الله، وهي التي خافت من ربها وفاطرها وخالقها على شدتها وعظم خلقها من الأمانة إذ عرضها عليه، وأشفقت من حملها، ومنها الجبل الذي كلم الله عليه موسى كليمه ونجيه، ومنها الجبل الذي تجلى له ربه فساخ وتدكدك، ومنها الجبل الذي حبب الله رسوله وأصحابه إليه، وأحبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ومنها الجبلان اللذان جعلهما الله سورا على نبيه، وجعل الصفا في ذيل أحدهما والمروة في ذيل الأخر، وشرع لعباده السعي بينهما وجعله من مناسكهم وتعبداتهم، ومنها جبل الرحمة المنصوب عليه ميدان عرفات، فلله كم به من ذنب مغفور، وعثرة مقالة، وزلة معفو عنها، وحاجة مقضية، ثم قال - رحمه الله -: ومنها جبل حراء الذي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخلو فيه بربه، وهو الجبل الذي فاض منه النور على أقطار العالم، فسبحان من اختص برحمته من شاء من الجبال والرجال، هذا وإنها لتعلم أن لها موعداً ويوماً تنسف فيها نسفاً، وتصير كالعهن، فهي مشفقة من هول ذلك الموعد، فهذا حال الجبال وهي الحجارة الصلبة، وهذه رقتها وخشيتها وتدكدكها من جلال ربها وعظمته، وقد أخبر عنها فاطرها وباريها أنه لو أنزل عليها كلامه لخشعت ولتصدعت من خشية الله، فيا عجباً من مضغة لحم أقسى من هذه الجبال، تسمع آيات الله تتلى عليها، ويذكر الرب تعالى فلا تلين ولا تخشع" أ هـ - رحمه الله -.
رد: العبودية
ثم هذه الرياح التي نشعر بها ولا نراها
قد نستغرب من شأنها حين نعلم أن لها إدراكا خاصا يليق بها، فهي كانت مسخرة لسليمان - عليه السلام - كما قال تعالى: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ} [(36) سورة ص]، ومن عجيب عبودية هذا المخلوق أنها هاجت لموت منافق، روى مسلم في صحيحه عن جابر - رضي الله عنه - قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سفر فلما كان قرب المدينة، هاجت ريح تكاد أن تدفن الراكب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بعثت هذه الريح لموت منافق)) [مسلم 2782] . فقدم المدينة فإذا عظيم من المنافقين قد مات. فتأمل يا عبد الله من هيجان الريح لموت منافق في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلا أدري هل منافقوا زماننا هذا على دراية بهذا الحديث؟ لا أظن ذلك.
رد: العبودية
ومن عبوديات الكائنات: عبودية السماوات والأرض،
فأولها عرض الأمانة عليهما: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [(72) سورة الأحزاب] ثم إنهما مطيعان لربهما تمام الطاعة: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [(11) سورة فصلت] ومن عجيب عبوديتهما: أنهما لا يرضون بالشرك فعندما نسب النصارى الولد إلى الله، وقالوا بان عيسى ابن الله، فما إن سمعت السماوات والأرض ذلك الافتراء الكاذب حتى كادت تهد هداً، قال - عز وجل -: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا} [(90 - 92) سورة مريم].
بل والأعجب في عبوديتهما، هو بكاء السماوات والأرض على فراق المؤمنين الصالحين، قال الله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ} [(29) سورة الدخان] إنهما لا يبكيان على الكفار ولا على المنافقين ولا على المحاربين لشريعة الله، بل يبكيان على فراق المؤمن الصالح لهذه الدنيا.
والأعجب منه أن الأرض لا تقبل أجساد بعض المنافقين للدفن فيها، فكلما دفنوا لفظتهم، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "كان منا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانطلق هارباً حتى لحق بأهل الكتاب قال فعرفوه، قالوا: هذا يكتب لمحمد فأعجبوا به، فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم، فحفروا له فواروه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، ثم عادوا فحفروا له فواروه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، فتركوه منبوذاً".
إن المنافقين والعلمانيين على خطر عظيم، إن هذه الأرض التي نمشي عليها، ونطأها بأقدامنا سيأتي عليها يوماً تحدث أخبارها، وهذا من عبوديتها بأن فلان ابن فلان فعل كذا وكذا في يوم كذا وكذا، بأن ربك أوحى لها، وقد يوحى لها ربها بأن لا تقبل أجساد أصناف من البشر لجرائم فعلوها على ظهرها، وقد تقبلهم الأرض، فتشتعل عليهم وهم في بطنها، فكما أن الله قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء - وهذه من عبوديتها - فقد يأمرها سبحانه فتفتك ببعض الناس، جزاءً لهم على أعمالهم، فلينتبه الإنسان من الأرض، وليعمل عليها خيراً، وليجتنب محارم الله، وليحقق عبوديته لمولاه على هذه الأرض، فإن الأرض أيضاً لها عبوديات لابد وأن تؤديها.
رد: العبودية
عبودية الإنس
عرضنا لكم صوراً من العبوديات التي تقدمها بعض الكائنات، من نبات وحيوان ودواب، وأيضاً شيئاً من عبودية السماء والأرض والجبال والبحر، وكيف أن هذه الكائنات لها عبادات تخصها؟ وأنها تقوم به على أتم وجه، لنصل إلى بيت القصيد وهو عبودية هذا الإنسان، وما الذي يجب عليه؟ ولماذا هو قد انحرف في كثير من الأحيان عن خط العبودية المستقيم؟
قال الله تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات] إننا ما خلقنا أيها الأحبة، ولا وجدنا إلا للعبادة، وأي عبد جد واجتهد فإنه يرتقي في سلم العبودية, ويفوق الآخرين بغض النظر عن وضعه الاجتماعي أو المادي أو القبلي أو لأي دولة هو تابع.
ولذا فإن المطيعين من الإنس يتفاوتون فيما بينهم تفاوتا عظيما في العبودية، ولهم مراتب عديدة لا يعلمها إلا رب العباد، وكل بحسب عمله، فمن الناس من ترقى في سلم العبودية حتى وصل إلى مراتب الصالحين، ومنهم من وصل مراتب الشهداء، ومنهم من وصل إلى مراتب الصديقين، وبين هذه المراتب، مراتب ومراتب لا يحصيها إلا الله، وهناك السابقون السابقون أولئك المقربون، وهناك أصحاب اليمين، وما أدراك ما أصحاب اليمين، وقد أعد الله جل وتعالى لكل قسم من هذه الأقسام من الجزاء والنعيم ما يناسبه.
مراتب العباد في درجات العبودية كثيرة لا يحصيها إلا رب العباد، وسأعرض لكم أيها الأحبة بعض هذه المراتب، ومنزلة كل مرتبة عند الله جل وتعالى، وما أريد منك أخي المسلم إلا أن تضع أنت نفسك في أحد هذه المراتب، وتحت أي صنف يمكن أن تصنف نفسك وأي قسم ترى أنه ينطبق عليك، وتشعر أنك من أهله لنعلم قربنا وبعدنا من هذه المراتب، فها هي هذه المراتب، وهي ليست على سبيل الحصر بل هي أمثلة، وأيضاً ليست مُرَتبة، مع بعض التعليقات اليسيرة.
رد: العبودية
فأولى مراتب العبودية، مرتبة الرسالة والنبوة:
وهى أعلاها، وأصحابها هم المصطفون كما قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [(75) سورة الحـج] وقال سبحانه: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [(59) سورة النمل] أنا وأنت لسنا من هذه المرتبة لأنها بالاصطفاء، وأهل هذه المرتبة أيضاً يتفاوتون فيما بينهم وإن كانوا أنبياء، فبعضهم أفضل من بعض قال تعالى:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [(253) سورة البقرة] ففي مقدمتهم أولوا العزم من الرسل ثم عامة الرسل، ثم عامة الأنبياء، وقد قاموا جميعاً بالعبودية لله تعالي حق قيام، وكانوا قدوة لأقوامهم في حياتهم وبعد مماتهم
وهى أعلاها، وأصحابها هم المصطفون كما قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [(75) سورة الحـج] وقال سبحانه: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [(59) سورة النمل] أنا وأنت لسنا من هذه المرتبة لأنها بالاصطفاء، وأهل هذه المرتبة أيضاً يتفاوتون فيما بينهم وإن كانوا أنبياء، فبعضهم أفضل من بعض قال تعالى:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [(253) سورة البقرة] ففي مقدمتهم أولوا العزم من الرسل ثم عامة الرسل، ثم عامة الأنبياء، وقد قاموا جميعاً بالعبودية لله تعالي حق قيام، وكانوا قدوة لأقوامهم في حياتهم وبعد مماتهم
رد: العبودية
المرتبة الثانية: مرتبة أصحاب الأنبياء والرسل:
وهؤلاء ورثة الرسل وخلفاؤهم، وهم القائمون بما أمر الله به على لسان رسله، علماً وعملاً، وهم الوسائط في التبليغ عن الرسول للأمة من بعده، فهم الربانيون وهم الحواريون، وهم الذين كانوا مع الرسل في حياتهم فآمنوا بهم وآزروهم ونصروهم. إن مرتبة الصحبة من أفضل مراتب الخلق بعد النبوة، أصحابها فضلوا على بقية الأمة، اصطفاهم الله جل وتعالى لصحبة رسله وأنبيائه، لقد أمنوا حين كفر الناس، وصدقوا حين كذب الناس، فتحمل أصحاب هذه المرتبة من العذاب والنكال في دين الله ما الله به عليم، لقد بذلوا الأنفس والأموال في نصرة دين الله، لقد قاتلوا مع رسل الله، فقتلوا وقتلوا فأثابهم الله خيري الدنيا والآخرة، {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [(29) سورة الفتح] أيضا نحن قد فاتنا وحرمنا هذه المرتبة.
رد: العبودية
المرتبة الثالثة: مرتبة المجاهدين في سبيل الله:
وهؤلاء هم جند الله - عز وجل -، الذين يقيم الله بهم دينه ويدفع بهم بأس أعدائه، المجاهدون هم الذين يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا، وليكون الدين كله لله، ويكفي أنهم قد ربحوا التجارة مع الله، بما بذلوا من أموالهم وأنفسهم، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [(10 - 11) سورة الصف].
لقد باعوا أنفسهم وأموالهم لله - عز وجل - فقبل البيع منهم وأثابهم الجنة {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [(111) سورة التوبة].
روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض)).
وكيف لا يكون للمجاهدين هذه المنزلة وهذه الدرجات وهم كلما نادى المنادي، لبوا وأقبلوا، فمرة تراهم على أرض أفغانستان، يروون جبالها وهضابها بدمائهم الزكية، ومرة تسمع بأخبارهم في مناطق الشيشان، يرفعون الرايات، ويقدمون المهج والأرواح، ومرة يأتيك نبأهم من أرض البلقان، يقاتلون مع إخوانهم المسلمين الصرب الكافر، فما من أرض رفع فيها راية الجهاد، إلا وأصحاب هذه المرتبة يطيرون لها مودعين الأهل والأحباب، تاركين الزوجة والأولاد، يطلبون إحدى الحسنيين، إما نصر وإما شهادة في سبيل الله.
يسيرون الى الأعــــداء والطير فوقهم له القوت من أعدائهم وله النصر
فبأس يذيب الصخـــــر من حر ناره ويطف له بالماء من نجس الصخر
شبـــــاب إذا لاقى العدو ظننتهم أســــود الشرى عنت لهم الأؤم والعفر
ترى كـــل شهم في الوغى مثل سهمه نفـــوذاً فمــا يثنيه خوف ولا كثر
هم الأسد من بيض الصوارم والقنا لهم في الوغى الناب الحديدة والظفر
يرون لهـــم في القتــــل خلدا فكيف باللقــــاء لقــــوم قتلهم عندهم عمر
إذا استغلقت شم الحصـــــون فعندهم مفاتحهـــــا بيض مضاربهــا حمر
رد: العبودية
المرتبة الرابعة: مرتبة العلماء:
هنيئاً لأصحاب هذه المرتبة، فهم حقاً رجال الأمة، في هذا الميدان، وهم الفرسان وهم الشجعان، فلا أدري هل أنا وأنت نحشر مع هؤلاء ونعتبر منهم؟ يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق)).
وفي المقابل قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منزلة الشهداء وإن مات على فراشه)). وهؤلاء لهم في سلم العبودية حظ وافر؛ لأنهم الذين يحملون أمانة العلم، ويحفظون دين الله من الضياع، ويبلغونه للناس، ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم، العلماء هم الذين يعلمون الجاهل، ويرشدون الضال، ويقومون بالذب عن دين الله تعالى بالرد على المبتدعة، وأهل الأهواء، العلماء هم الذين يواجهون السلاطين والزعماء ويردونهم عن ظلمهم، فهم الوارثون للأنبياء وهم الراسخون في العلم، قضوا زهرة حياتهم وصفوة شبابهم في حلق العلم وبين مجلدات الكتب، أسهروا ليلهم وقضوا نهارهم في حفظ المتون وقراءة الشروح، في الوقت الذي كان غيرهم يقضون أوقاتهم في الشواطئ والحدائق العامة ومدرجات الملاعب أمام الشاشة، جدوا واجتهدوا حتى وصلوا إلى هذه المرتبة، ففضلهم عظيم، ومنزلتهم عالية {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر]. فحقهم علينا كبير، فنسأل الله - عز وجل - أن يحفظهم وأن يطيل في أعمارهم، فمن للناس إذا ذهب العلماء، وكيف يتعلم الناس إذا سكت العلماء، ولهذا لا غرابة إذا استغفر لهم الحيتان في البحر، والنملة في جحرها، ((إن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)).
رد: العبودية
المرتبة الخامسة: مرتبة أهل الإيثار والصدقة والإحسان إلى الناس
باختلاف حاجاتهم ومصالحهم في تفريج الكربات، ودفع الضرورات، وتسهيل المهمات، هؤلاء رغبوا فيما عند الله، وآمنوا بأن ما ينفقونه من الأموال لا ينقص مما عندهم بل يزداد، وأنه ما نقص مال من صدقة، يستشعرون قول البارئ - عز وجل -: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [(261) سورة البقرة]. وقوله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [(274) سورة البقرة] هؤلاء الصنف من العباد، اعتقدوا اعتقاداً جازماً بأن ما عندهم ينفذ وما عند الله باق، وأن ما ينفقونه ليس لهم، وإنما هو مال الله جعله في أيديهم، واستخلفهم فيها لينظر كيف يعملون، وكيف يتصدقون، وعلى أية طريقة يصرفون وينفقون.
إذا سمعوا بناء مسجد، تسابقوا، وإذا سمعوا بأرملة أو مسكينة تدافعوا، وإذا علموا بمشروع خيري بذلوا، فهنيئاً لهم تساووا مع الناس في أداء الواجبات، وزادوا على الناس بما أنفقوا، رغبة فيما عند الله، لا يريدون من أحد جزاءا ولا شكوراً، فهل أنت من هؤلاء يا عبد الله؟.
باختلاف حاجاتهم ومصالحهم في تفريج الكربات، ودفع الضرورات، وتسهيل المهمات، هؤلاء رغبوا فيما عند الله، وآمنوا بأن ما ينفقونه من الأموال لا ينقص مما عندهم بل يزداد، وأنه ما نقص مال من صدقة، يستشعرون قول البارئ - عز وجل -: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [(261) سورة البقرة]. وقوله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [(274) سورة البقرة] هؤلاء الصنف من العباد، اعتقدوا اعتقاداً جازماً بأن ما عندهم ينفذ وما عند الله باق، وأن ما ينفقونه ليس لهم، وإنما هو مال الله جعله في أيديهم، واستخلفهم فيها لينظر كيف يعملون، وكيف يتصدقون، وعلى أية طريقة يصرفون وينفقون.
إذا سمعوا بناء مسجد، تسابقوا، وإذا سمعوا بأرملة أو مسكينة تدافعوا، وإذا علموا بمشروع خيري بذلوا، فهنيئاً لهم تساووا مع الناس في أداء الواجبات، وزادوا على الناس بما أنفقوا، رغبة فيما عند الله، لا يريدون من أحد جزاءا ولا شكوراً، فهل أنت من هؤلاء يا عبد الله؟.
رد: العبودية
المرتبة السادسة: مرتبة الدعاة إلى الله، - عز وجل -:
هؤلاء طلبة علم ودعاة خير وإصلاح، هداهم الله - جل وتعالى - لطريق الخير والاستقامة، في زمن كثرت فيه المغريات، وعمت الفواحش والمنكرات، فحفظهم الله - عز وجل -، لكن لم يريدوا الخير لأنفسهم فقط، فحملوا على عواتقهم واجب الدعوة إلى الله - عز وجل -، ومحاولة انتشال الهلكى والغرقى في وحل الخطيئة والمعصية إلى بر السلامة والنجاة. فانتشروا في أوساط الناس، يعلمون هذا، ويرشدون ذاك، من لا يصلي بينوا له خطورة ترك الصلاة، ومن لا يزكي وضحوا له الحكم الشرعي، ومن أبتلي بالمسكرات والمحرمات حاولوا تخليصه مما هو فيه، بتعظيم حرمات الله في قلبه، ومن كان مقصرا كملوا نقصه، ومن تعثر أقالوا عثرته، كل ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، والأسلوب الأمثل، يلقون درساً هنا، ومحاضرة هناك، يوزعون كتيبا هنا، وشريطا هناك.
همهم هداية الناس، اقتطعوا من أوقات راحاتهم ومن مرتباتهم في سبيل الدعوة، خلت نفوسهم من حظ نفوسهم، صدق فيهم قول ذلك الشاعر الذي قال:
لهم خلف أرض الصين في كل ثغرة *** إلى سوسها الأقصى وخلف البرابر
رجـــــــال دعــاة لا يفـــل عزيمتهم *** تسلط جبـــــــار، ولا كيـــــــد ماكر
إذا قــــال مروا في الشتاء تطوعوا *** وإن كان صيف لم يخف شهر ناجر
بهجـــرة أوطـــان وبـــــذل وكلفــة *** وشــــــدة أخطــــار وكـــد المسافر
فأنجـــــح مسعــــــاهم وأثقب زندهم *** وأروى بثلـــــج للمخــــاصم قاهر
وأوتــــــتاد أرض الله في كـــل بلدة *** وموضتتع فتياهــــــا وعلم التشاجر
تراهم كـــأن الطير فــوق رؤوسهم *** على عمة معروفــــــة في المعاشر
وسيمــــاهم معروفة في وجوههم *** وفي المشي حجاجـــا وفوق الأباعر
فنسأل الله - عز وجل - أن يحشرنا في زمرتهم، بحبنا لهم، وإن لم نعمل مثل أعمالهم، فالمرء مع من أحب.
رد: العبودية
المرتبة السابعة: من مراتب عباد الله في درجات العبودية، مرتبة أولئك الصالحون:
الذين قاموا بفرائض الله، وازدادوا عليها بالنوافل، بما فتح الله تعالى عليهم، فمنهم المكثر من الركوع والسجود، ومنهم المكثر من قراءة القرآن، ومنهم المكثر من الصوم، ومنهم الذاكرون، ومنهم الصابرون، فهؤلاء جاهدوا أنفسهم في تكثير الحسنات ومحو الزلات، فهم حقا أهل الربح والخيرات، إذا عمل أحدهم خطيئة تاب وأناب، هم أهل قول الله تعالى:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [(16) سورة السجدة]. وقوله تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [(17) سورة الذاريات]. وقوله تعالى في الحديث القدسي: ((من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه، وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه". أقول فأين هؤلاء في زماننا هذا، والله أنهم لأعز وجوداً من الكبريت الأحمر، فنسأل الله - جل وتعالى - أن يرحمنا برحمته.
رد: العبودية
المرتبة الثامنة: مرتبة أهل النجاة:
ممن يؤدي فرائض الله تعالى، ويترك محارمه، مقتصراً على ذلك، لا يزيد ولا ينقص عما فرض عليه، فهؤلاء هم المفلحون، لحديث الرجل الذي جاء إلى رسول - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن الإسلام ثم قال بعدما علم: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((أفلح إن صدق)). وفي رواية ((دخل الجنة إن صدق)).
فالنجاة في أداء الفرائض من الصلوات المفروضة والزكاة والصوم وحج البيت للمستطيع، واجتناب المحارم وعدم الوقوع فيها، فإن أحد أصاب من الصغائر شيئاً، كفرت عنه الحسنات التي يقوم بها، لقول الله - عز وجل -: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [(114) سورة هود]. ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وأتبع السيئة الحسنة تمحها)). فهل تعتقد يا أخي أنني أنا وأنت، نصنف على الأقل مع هؤلاء؟ ونكون من أهل النجاة، ونتجاوز القنطرة، فرحماك ثم رحماك يا أرحم الراحمين.
رد: العبودية
المرتبة التاسعة: مرتبة الذين أسرفوا على أنفسهم:
فهؤلاء أدوا ما افترض الله تعالى عليهم، لكنهم غشوا معاصي وكبائر، وفعلوا ما نهى الله عنه، فأدوا جانباً من العبودية، وفرطوا في جانب، يتوبون من معاصيهم من وقت لآخر، لكن غواية الشيطان لهم دائمة، وقلوبهم إليها مائلة، فهم ظالمون لأنفسهم فيما يقعون فيه من الذنوب، لكنهم يسمعون قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا} [( سورة التحريم]. فتميل قلوبهم إلى التوبة والرجوع إلى الله تعالى.
أيها المسلمون: هذه بعض مراتب العباد في سلم العبودية، وكما قلت أولاً أنها ليست على سبيل الحصر، بل هي نماذج لتفتح لنا بعض آفاق، فينظر كل واحد منا موقعه من الإعراب ضمن هذه المجموعات، هل تصنف أنت نفسك من أهل النجاة؟ أم تحشر نفسك مع العلماء، أم أنت من أهل الإنفاق، وبذل الصدقة؟ أم أنت من عباد الله الصالحين، قوام بالليل صوام بالنهار، وما بينهما ذاكر مستغفر مسبح، أم أقرب ما يناسبني أنا وأنت من أولئك الذين أسرفوا على أنفسهم؟!!.
عباد الله: إن لعدم تحقيق العبد ما طلب منه من عبودية أسباب، هناك أسباب تصرف العبد عن الاستقامة على الجادة، والانضباط في قالب العبودية. لعلنا نعالج هذه الأسباب في مرات قادمة.
الشيخ/ ناصر بن محمد الأحمد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين يونيو 06, 2016 6:46 am من طرف irgui82
» أسطوانة برنامج جوامع الكلم الشيخ محمد حسان - مــــ صنعـــ ورفعـــــي
الإثنين يونيو 06, 2016 3:51 am من طرف irgui82
» تجمـــــــ الأسطوانات ـــــــــيع مــــ صنعــــ ورفعـــي ـــن
الخميس مايو 26, 2016 7:13 am من طرف irgui82
» أسطوانة للشيخ الصغير القارئ احمد المصباحي رواية و قراءة حفص عن عاصم - مــــ صنعـــ ورفعـــــي
الخميس مايو 26, 2016 6:50 am من طرف irgui82
» أسطوانة القرأن الكريم للشيخ ابراهيم الاخضر - مــــ صنعـــ ورفعـــــي
الأحد مايو 01, 2016 6:46 am من طرف irgui82
» أسطوانة سلسلة دروس في الفتن وأنواعها- مــــ صنعـــ ورفعـــــي
الثلاثاء يونيو 30, 2015 2:58 am من طرف irgui82
» أسطوانة خير القرون لشيخ محمد العريفي- مــــ صنعـــ ورفعـــــي
الثلاثاء يونيو 30, 2015 2:54 am من طرف irgui82
» القران الكريم - مــــ صنعـــ ورفعـــــي
الإثنين يونيو 15, 2015 10:46 am من طرف irgui82
» أسطوانة إداعة القران الكريم - مــــ صنعـــ ورفعـــــي
الخميس يونيو 11, 2015 5:42 am من طرف irgui82